كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ إلَخْ) يَشْمَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مَا لَوْ كَانَ الْجَاحِدُ مِنْ الْخَوَاصِّ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ مُشْكِلٌ، وَإِنْ خُصَّ بِمَا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَمُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ إلَخْ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ سم أَقُولُ لَك أَنْ تَخْتَارَ الشِّقَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الشُّمُولُ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ الْقَطْعِيُّ فَعِلْمُهُ ظَنِّيٌّ يَجُوزُ مَعَهُ عَدَمُ صُدُورِ ذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ عُذْرًا فِي التَّكْذِيبِ بِخِلَافِهِ فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ دَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةٌ لَا قَطْعِيَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرُ.
(قَوْلُهُ: بِشُهْرَتِهِ) أَيْ شُهْرَةِ تَحْرِيمِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ كُفْرًا مُطْلَقًا. اهـ. ع ش.
(تَنْبِيهٌ أَوَّلُ) مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِنَا أَوْ لِمُثْبِتِهِ إلَخْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ الَّذِي زَعَمَهُ قَوْمٌ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى عَدَمِهِ بَلْ ظَاهِرُ الْآيَةِ وُجُودُهُ وَأَلَّفَ فِيهِ مَعَ الِاسْتِرْوَاحِ فِي أَكْثَرِهِ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَ يَأْسِ الْحَيَاةِ بِأَنْ وَصَلَ لِآخِرِ رَمَقٍ كَالْغَرْغَرَةِ وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ لَا يُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّتُنَا وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ خَطَأُ مَنْ كَفَّرَ الْقَائِلِينَ بِإِسْلَامِ فِرْعَوْنَ؛ لِأَنَّا، وَإِنْ اعْتَقَدْنَا بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ لَكِنَّهُ، وَإِنْ وَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ وَتَبَادَرَ مِنْ آيَاتٍ أَوَّلَهَا الْمُخَالِفُونَ بِمَا لَا يَنْفَعُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ أُولَئِكَ إذْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ بَلَغَ مَرْتَبَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ.
(تَنْبِيهٌ ثَانٍ) يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي التَّكْفِيرِ مَا أَمْكَنَهُ لِعَظِيمِ خَطَرِهِ وَغَلَبَةِ عَدَمِ قَصْدِهِ سِيَّمَا مِنْ الْعَوَامّ وَمَا زَالَ أَئِمَّتُنَا عَلَى ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا بِخِلَافِ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ تَوَسَّعُوا بِالْحُكْمِ بِمُكَفِّرَاتٍ كَثِيرَةٍ مَعَ قَبُولِهَا التَّأْوِيلَ بَلْ مَعَ تَبَادُرِهِ مِنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ عَمَّا تَوَسَّعَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ إنَّ غَالِبَهُ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِمْ وَكَانَ الْمُتَوَرِّعُونَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ يُنْكِرُونَ أَكْثَرَهَا وَيُخَالِفُونَهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُمْ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يُخَرِّجُوهَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَقِيدَتِهِ إذْ مِنْهَا أَنَّ مَعَنَا أَصْلًا مُحَقَّقًا، هُوَ الْإِيمَانُ فَلَا نَرْفَعُهُ إلَّا بِيَقِينٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا وَلْيُحْذَرْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى التَّكْفِيرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنَّا وَمِنْهُمْ فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْفُرْ؛ لِأَنَّهُ كَفَّرَ مُسْلِمًا. اهـ. مُلَخَّصًا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَّا وَمِنْهُمْ وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ وَقَدْ أَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ اُهْجُرْنِي فِي اللَّهِ فَقَالَ هَجَرْتُك لِأَلْفِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إنْ أَرَادَ لِأَلْفِ سَبَبٍ أَوْ هِجْرَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا لِلَّفْظِ حَقْنًا لِلدَّمِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لَاسِيَّمَا إنْ لَمْ يُعْرَفْ قَائِلُهُ بِعَقِيدَةٍ سَيِّئَةٍ لَكِنْ يُؤَدَّبُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِشَنَاعَةِ ظَاهِرِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: مِنْ أَفْرَادِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ إيمَانُ فِرْعَوْنَ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ إلَخْ عِلَّةٌ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ وُجُودِ إيمَانِ فِرْعَوْنِ.
(قَوْلُهُ: فِي أَكْثَرِهِ) أَيْ أَكْثَرِ مَوَاضِعِ هَذَا التَّأْلِيفِ.
(قَوْلُهُ: بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْجَلَالِ الدَّوَانِيّ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرُ.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُرَدُّ) مِنْ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ فِي الْآيَةِ مِنْ ذَلِكَ) جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ وَالْإِشَارَةُ إلَى الْوُصُولِ لِآخِرِ رَمَقٍ أَوْ إلَى يَأْسِ الْحَيَاةِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِدْرَاكُ الْغَرَقِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ) خَبَرُ قَوْلِهِ أَنَّ الْإِيمَانَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْقَبُولِ عِنْدَ الْيَأْسِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِنَا أَوْ لِمُثْبِتِهِ إلَخْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِإِسْلَامِ فِرْعَوْنَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ كُفْرَ فِرْعَوْنَ وَكَذَا ضَمِيرُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوَّلَهَا الْمُخَالِفُونَ إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِلْأَحَادِيثِ وَالْآيَاتِ وَقَوْلُهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ خَبَرُ لَكِنَّهُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ كُفْرَ فِرْعَوْنَ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ أُولَئِكَ أَيْ الْمُخَالِفِينَ الْمُؤَوِّلِينَ وَقَوْلُهُ إذْ لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ عِلَّةُ عَدَمِ الْعِبْرَةِ.
(قَوْلُهُ: عَمَّا تَوَسَّعَ إلَخْ) لَعَلَّ عَنْ بِمَعْنَى فِي.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرَهَا وَيُخَالِفُونَهُمْ) أَيْ كُتُبَ الْفَتَاوَى وَقَوْلُهُ هَؤُلَاءِ أَيْ مَشَايِخُهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخَرِّجُوهَا) أَيْ الْفَتَاوَى.
(تَنْبِيهٌ ثَالِثٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ مَعَ اللَّهِ حَالًا أَسْقَطَ عَنْهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ أَوْ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَجَبَ قَتْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحُكْمِ بِخُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ انْتَهَى وَلَا نَظَرَ فِي خُلُودِهِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ لِاسْتِحْلَالِهِ مَا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ أَوْ نَفْيِهِ وُجُوبَ مَا عُلِمَ وُجُوبُهُ ضَرُورَةً فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخُلُودِهِ وَوَقَعَ لِلْيَافِعِيِّ مَعَ جَلَالَتِهِ فِي رَوْضِهِ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِ عِبَادِهِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَ حَرِيرٍ مَثَلًا وَعَلِمَ الْإِذْنَ يَقِينًا فَلَبِسَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْتَهِكًا لِلشَّرْعِ وَحُصُولُ الْيَقِينِ لَهُ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ لِلْخَضِرِ بِقَتْلِهِ لِلْغُلَامِ إذْ هُوَ وَلِيٌّ لَا نَبِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مَثَلًا رُبَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَبِفَرْضِ أَنَّ الْيَافِعِيَّ لَمْ يُرِدْ بِمَثَلًا إلَّا مَا هُوَ مِثْلُ الْحَرِيرِ فِي أَنَّ اسْتِحْلَالَهُ غَيْرُ مُكَفِّرٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ ضَرُورَةً فَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْتِهَاكِهِ لِلشَّرْعِ أَنَّ لَهُ نَوْعَ عُذْرٍ، وَإِنْ كُنَّا نَقْضِي عَلَيْهِ بِالْإِثْمِ بَلْ وَالْفِسْقِ إنْ أَدَامَ ذَلِكَ فَلَهُ نَوْعُ اتِّجَاهٍ أَوْ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَهُوَ زَلَّةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْإِلْهَامِ، وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ؛ إذْ لَا ثِقَةَ بِخَوَاطِرِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَشَرْطُهُ عِنْدَ مَنْ شَذَّ بِالْقَوْلِ بِهِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُ نَصٌّ شَرْعِيٌّ كَالنَّصِّ بِمَنْعِ لُبْسِ الْحَرِيرِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ فِيهِ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّ الْإِلْهَامَ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ فَالْأَنْبِيَاءُ فِي زَمَنِهِ مَوْجُودُونَ فَلَعَلَّ الْإِذْنَ فِي قَتْلِ الْغُلَامِ جَاءَ إلَيْهِ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَخْبَرَ بَعْدَ نُزُولِهِ أَحَدًا بِأَنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَ الْحَرِيرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَقَرَّ فِيهَا تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَلَا يُغَيِّرُهُ أَبَدًا لَا يُقَالُ يُتَأَوَّلُ لِلْيَافِعِيِّ بِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَرِيرِ وَقَعَ تَدَاوِيًا مِنْ عِلَّةٍ عَلِمَهَا الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ كَمَا تَأَوَّلَ هُوَ وَغَيْرُهُ مَا وَقَعَ لِوَلِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَهَرَتْ وِلَايَتُهُ بِبَلَدٍ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ وَلَبِسَ ثِيَابَ الْغَيْرِ وَخَرَجَ مُتَرَفِّقًا فِي مَشْيِهِ لِيُدْرِكُوهُ فَأَدْرَكُوهُ وَأَوْجَعُوهُ ضَرْبًا وَسَمَّوْهُ لِصَّ الْحَمَّامِ فَقَالَ الْآنَ طَابَ الْمُقَامُ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ إنَّمَا وَقَعَ تَدَاوِيًا كَمَا يُتَدَاوَى بِالْخَمْرِ عِنْدَ الْغَصِّ وَمَفْسَدَةُ لُبْسِ ثِيَابِ الْغَيْرِ سَاعَةً أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الْعُجْبِ وَنَحْوِهِ مِنْ قَبَائِحِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ الْإِذْنُ الَّذِي لِلتَّدَاوِي لَيْسَ إلَّا بِإِلْهَامٍ وَقَدْ اتَّضَحَ بُطْلَانُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ ذَلِكَ الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْحَرِيرَ لَا يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَاسْتِعْمَالُ مَالِ الْغَيْرِ يَجُوزُ مَعَ ظَنِّ رِضَاهُ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّ ذَلِكَ الْوَلِيَّ مَا عَرَفَ مَالِكَ الثِّيَابِ وَلَا ظَنَّ رِضَاهُ وَبِفَرْضِ جَهْلِهِ بِهِ هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِذَلِكَ الْقَصْدِ إذْ كُلُّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى بَاطِنِ فَاعِلِ ذَلِكَ يَرْضَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ كَانَ وَمَرَّ فِي الْوَلِيمَةِ أَنَّ ظَنَّ الْغَيْرِ يُبِيحُ مَالَهُ فَهِيَ وَاقِعَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلْحِلِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْإِلْهَامِ كَوَاقِعَةِ الْخَضِرِ وَمَسْأَلَةُ الْحَرِيرِ لَا تَحْتَمِلُهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْإِلْهَامِ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا لَا يَقَعُ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ وَلَوْ فُرِضَ وُقُوعُهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ شَرْعِ نَبِيِّنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ظَنَّ الرِّضَا بِفَرْضِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَصْدِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مُجَوِّزٌ.
(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ.
(قَوْلُهُ: مَا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ أَوْ نَفْيِهِ إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ: ضَرُورَةً مُعْتَبَرٌ فِي عِلْمِ الْحُرْمَةِ وَعِلْمِ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ ارْتِدَادِهِ بِمَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ.
(قَوْلُهُ: وَحُصُولُ الْيَقِينِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ إلَخْ أَيْ مِنْ سَبِيلِ حُصُولِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ إلَخْ) أَيْ فِي قَتْلِ الْخَضِرِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ) أَيْ سَبَقَ ذِكْرُهُ عَنْهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ نَوْعَ عُذْرٍ إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ مَا فَائِدَتُهُ مَعَ تَفْسِيقِهِ لَا يُقَالُ فَائِدَتُهُ نَفْيُ التَّكْفِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرُ.
(قَوْلُهُ: شَرْطُهُ) أَيْ كَوْنُ الْإِلْهَامِ حُجَّةً وَكَذَا ضَمِيرُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا مَنْ شَذَّ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذَا الْمَحْذُوفِ.
(قَوْلُهُ: وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ كَيْفَ تَقُولُ الْإِلْهَامُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ أَنَّ الْخَضِرَ وَلِيٌّ وَقَتَلَ الْغُلَامَ بِالْإِلْهَامِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ وَلِيٌّ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا الْعِلْمُ أَنَّ الْإِلْهَامَ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ فَلَا يُقَاسُ مَا فِي زَمَنِنَا عَلَيْهِ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ حُجَّةٍ) أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ.
(قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ) أَيْ الْخَضِرِ.
(قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ: فَلَعَلَّ الْإِذْنَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قُلْتُ هَذَا) أَيْ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: تَأَوَّلَ هُوَ) أَيْ الْيَافِعِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِعْلَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَأَوَّلَ هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يُقَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِالْإِلْهَامِ) وَقَدْ يُمْنَعُ الْحَصْرُ بِجَوَازِ أَنَّهُ لِارْتِكَابِ أَخَفِّ الْمَحْذُورَيْنِ الَّذِي لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِمُجَرَّدِ ظَنِّهِ بِدُونِ إلْهَامٍ وَكَشْفٍ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ يَظُنُّ رِضَاهُ بِفَرْضِ اطِّلَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ظَنَّ الرِّضَا بِفَرْضِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَصْدِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مُجَوِّزٌ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَنْ كَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَبْخَلَ النَّاسِ.
(أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا) مَثَلًا (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيَفْعَلُهُ أَوْ لَا (كَفَرَ) فِي الْحَالِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ لِمُنَافَاتِهِ لِلْإِسْلَامِ وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ رَمَى ابْنَتَهُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ وَكَذَا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.